المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشيئة الله وإرادته


همس الروح
07-27-2024, 07:02 PM
للهِ تعالى المشيئةُ الكاملةُ الشاملةُ لكلِّ شيء، فما شاءَ كان وما لم يَشَأْ لم يكن؛ نُثْبِتُهَا كما أَثْبَتَهَا لنفسِهِ، ولا نخوضُ بما زادَ عَنْ ذلكَ، قال تعالى: ﴿ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [آل عمران: 40]، وقال تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ [البقرة: 253]، وقال تعالى: ﴿ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [البروج: 16].



والإرادة في كتاب الله نوعان:

إرادة كونية قدرية، وإرادة دينية شرعية.

فالإرادة الشرعية هي المتضمنة المحبة والرضا، وقد تقع وقد لا تقع، والإرادة الكونية هي المشيئة الشاملة لجميع الموجودات مما يحبها الله وما لا يحبها، ولا بد من وقوعها.



فالإرادة الشرعية كقوله تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]، وقوله: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ﴾ [المائدة: 6]، وقوله: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].



والإرادة الشرعية تدل دلالة واضحة على أن الله لا يحب الذنوب والمعاصي والضلال والكفر، ولا يأمر بها ولا يرضاها، وإن كان شاءَها خلقاً وإيجاداً.



والإرادة الكونية القدرية هي الإرادة الشاملة لجميع الموجودات خيرها وشرها، التي يقال فيها: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وهذه الإرادة مثل قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ﴾ [الأنعام: 125]، وقوله: ﴿ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ﴾ [هود: 34] وقوله: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ [البقرة: 253]، وقوله: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هود: 118-119].



والمخلوقات نوعان:

الأول: مسخر لا اختيار له كالشمس والقمر والنجوم والشجر.

الثاني: من له مشيئة واختيار كالإنس والجن والملائكة، فهؤلاء مخيرون وهم في نفس الوقت مسيرون، فلهم مشيئة تحت مشيئة الله كما قال الله سبحانه: ﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير: 28-29] فأثبت الله لهم المشيئة أولا ثم أخبر أن مشيئتهم لا تكون إلا من بعد مشيئة الله، فليسوا مسيَّرين كالأفلاك التي لا اختيار لها، ولا يصح أن يحاسب الله عبده على عمله إذا كان العبد مجبورا عليه كالريشة في مهب الريح، وليسوا متفردين بالاختيار والمشيئة دون تقدير الله ومشيئته، فيكونون شركاء لله في خلق أفعالهم وإرادتهم، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يكون في خلقه إلا ما يشاء مما قدر وجوده بحكمته وقدرته سبحانه جل جلاله.